الرؤية، وهي عملية معقدة، تعتمد على تحويل الأطوال الموجية المختلفة للضوء إلى نبضات كهربائية يتم فك شفرتها إلى ألوان وسطوع في الدماغ.
تعمل المستقبلات الضوئية الموجودة في شبكية العين، والتي تسمى المخاريط، على تسهيل الرؤية الحادة والتفصيلية والألوان تحت ضوء كافٍ.
من ناحية أخرى، تساهم العصي في الرؤية في ظروف الإضاءة المنخفضة، مما يسمح لنا بالتمييز بين درجات اللون الرمادي المختلفة، ولكن بدقة أقل.
يتم بعد ذلك نقل النبضات الكهربائية إلى الخلايا العقدية في شبكية العين، ثم تتم معالجتها بواسطة القشرة البصرية في الدماغ، مما يؤدي إلى إدراك صورة ملونة.
شحوب اللون وتأثيره على النوم
من المهم أن نلاحظ أن الضوء المحيط لا يساعدنا على الرؤية فحسب، بل يؤثر أيضًا على دورة نومنا وإيقاع الساعة البيولوجية.
الخلايا العقدية المتخصصة مثل المخاريط والقضبان حساسة للضوء وتستجيب بقوة للضوء ذو الأطوال الموجية الأقصر عند 490 نانومتر.
وعندما نتعرض للضوء بأطوال موجية أقصر تتراوح بين 440 و490 نانومتر، فإننا ندرك اللون الأزرق.
إذا كان هذا الضوء ينشط الخلايا العقدية، فإنها تشير إلى الساعة الداخلية بأن النهار قد حان. تصبح شدة الضوء لكل طول موجي عاملاً أكثر حسماً من اللون المدرك.
السيقان والأقماع والألوان
من مركز الكرونوبيولوجي د. كريستين بلوم جامعة بازلإن البحث في تأثيرات الضوء على البشر يثير التساؤل حول ما إذا كانت المخاريط، وبالتالي لون الضوء، تؤثر أيضًا على الساعة الداخلية.
يوضح الدكتور بلوم: “تتلقى الخلايا العقدية الحساسة للضوء المعلومات من المخاريط. وهذا يثير التساؤل حول ما إذا كانت المخاريط، وبالتالي لون الضوء، يمكن أن تؤثر على الساعة الداخلية”.
يقول بلوم: “في نهاية المطاف، فإن أهم التغييرات في السطوع ولون الضوء تحدث عند شروق الشمس وغروبها، مما يمثل بداية ونهاية اليوم”.
أشارت دراسة أجريت عام 2019 على الفئران إلى أن الضوء الأصفر له تأثير أقوى على الساعة الداخلية من الضوء الأزرق. ومع ذلك، عند البشر، قد يكون التأثير الرئيسي للضوء على الساعة الداخلية والنوم عبر الخلايا العقدية الحساسة للضوء.
دكتور. ويضيف بلوم: “هناك سبب للاعتقاد بأن لون الضوء المشفر بواسطة المخاريط له صلة أيضًا بالساعة الداخلية”.
دراسة تأثيرات اللون الفاتح
ولكشف الحقيقة وراء هذه الفرضيات، قام فريق البحث بتعريض 16 متطوعًا سليمًا لتحفيز الضوء الأزرق أو الأصفر لمدة ساعة واحدة في المساء. تمت إضافة حافز الضوء الأبيض كشرط تحكم.
تم تصميم المحفزات الضوئية بعناية لتنشيط المخاريط الحساسة للألوان في شبكية العين بشكل تفاضلي، في حين كان تحفيز الخلايا العقدية الحساسة للضوء ثابتًا في جميع الحالات الثلاثة. سمح هذا للباحثين بعزل تأثيرات محددة للون على الساعة الداخلية والنوم.
يقول مانويل سبيتزان، من بيولوجيا المناخ والصحة: ”تسمح لنا طريقة تحفيز الضوء هذه بتشريح خصائص الضوء التي قد تلعب دورًا في كيفية تأثير الضوء على البشر بطريقة تجريبية نظيفة”. الجامعة التقنية في ميونيختشارك أيضا في الدراسات.
وفي مختبر النوم، قام الباحثون بتقييم ما إذا كان لون الضوء يمكن أن يؤثر على الساعات الداخلية للمشاركين.
قام المتطوعون بتقييم الوقت الذي يستغرقه النوم، وعمق نومهم في بداية الليل، والتعب المبلغ عنه، ووقت رد الفعل لديهم، والذي يتناقص بشكل طبيعي مع زيادة النوم.
اكتشافات عن الألوان الفاتحة والنوم والساعات الداخلية
تشير نتائج الدراسة إلى أن تباين لون الضوء على طول البعد الأزرق والأصفر لا يلعب أي دور ذي صلة بالساعة الداخلية للإنسان أو النوم. وهذا يتناقض مع نتائج دراسة الماوس المذكورة أعلاه.
يقول الدكتور بلوم: “لم نعثر على أي دليل على أن الاختلاف في الشحوب على طول البعد الأزرق والأصفر يلعب دورًا مهمًا في الساعة الداخلية للإنسان أو النوم”.
يقول العالم: “في المقابل، تدعم نتائجنا النتائج التي توصلت إليها العديد من الدراسات التي تفيد بأن الخلايا العقدية الحساسة للضوء مهمة للساعة الداخلية للإنسان”.
يأمل مانويل سبيتسون أن تساعد هذه الدراسة في سد الفجوة بين البحث الأساسي والتطبيقات العملية.
ويشير إلى أن “النتائج التي توصلنا إليها تظهر أنه من المهم أن نأخذ في الاعتبار تأثير الضوء على الخلايا العقدية الحساسة للضوء عند تخطيط وتصميم الإضاءة. تلعب المخاريط، وبالتالي اللون، دورًا أكثر ثانوية.
آثار “الضوء الأزرق” والبحوث المستقبلية
يجب التحقق مما إذا كان للون الضوء أي تأثير على النوم ضمن معايير متغيرة مثل التعرض للضوء لفترات طويلة أو أطر زمنية مختلفة. هناك حاجة إلى دراسات متابعة للإجابة على هذه الأسئلة وتقديم المزيد من الأفكار حول العلاقة بين لون الضوء والساعة الداخلية والنوم.
ينصح الخبراء في كثير من الأحيان بأن “الضوء الأزرق” ذو الطول الموجي القصير المنبعث من الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية يعطل إيقاعاتنا البيولوجية وأنماط نومنا.
ونتيجة لذلك، يوصى باستخدام هذه الأجهزة في المساء أو تشغيل وضع النوبة الليلية، مما يقلل من الضوء ذو الطول الموجي القصير ويعطي لونًا أصفر.
ومع ذلك، يشير الدكتور بلوم إلى أن هذا التثبيت المصفر هو نتيجة ثانوية غير مرغوب فيها. ويوضح قائلاً: “من الناحية الفنية، من الممكن تقليل ضوء الطول الموجي القصير في شاشات العرض هذه دون تغيير اللون، لكن الهواتف المحمولة التجارية لم تعتمد هذا النهج بعد”.
باختصار، تبدد هذه الدراسة الخرافات المحيطة بتأثير اللون الفاتح على الساعة الداخلية للإنسان والنوم. تلعب الخلايا العقدية الحساسة للضوء دورًا مهمًا، ويكون لون الضوء المشفر بواسطة المخاريط أقل أهمية.
وبينما تستكشف الأبحاث المستقبلية هذا الموضوع بعمق، فمن المهم إدراك الدور الحاسم للخلايا العقدية الحساسة للضوء في تصميم حلول الإضاءة التي تعزز أنماط النوم الصحية وتدعم الرفاهية العامة.
يتم نشر الدراسة الكاملة في المجلة السلوك البشري الطبيعي.
—–
هل تحب ما تقرأ؟ اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على مقالات جذابة ومحتوى حصري وآخر التحديثات.
تفضل بزيارتنا على EarthSnap، وهو تطبيق مجاني من Eric Ralls وEarth.com.
—–