العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإيران تقترب من نقطة الأزمة

العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإيران تقترب من نقطة الأزمة

وحضر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيف بوريل المناقشة غير المسبوقة بشأن إيران

وتتصاعد التوترات بين بروكسل وطهران بشكل مطرد على عدة جبهات، حيث يتخذ الاتحاد الأوروبي موقفا ناعما نسبيا تجاه الحكومة الإيرانية على النقيض من النهج الأكثر صرامة الذي تبنته الولايات المتحدة. ويسلط تصاعد هذه التوترات الضوء على تصاعد الاحتكاك، الذي قد يؤدي إلى عواقب دبلوماسية كبيرة إذا لم تتم إدارته بشكل صحيح من قبل الجانبين.

ومن أهم القضايا التي تساهم في هذا التدهور هو دور إيران في الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا. وأثارت المشاركة غضب الدول الغربية، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي، التي تعتبرها تطورا مثيرا للقلق.

لقد تطور تورط إيران في الصراع الروسي الأوكراني على عدة مراحل متميزة. في البداية، عندما شنت روسيا غزوها لأوكرانيا، أيد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي تصرفات موسكو، واصطف طهران مع الموقف الروسي. وتعكس هذه الموافقة العامة العلاقة الوثيقة بين البلدين. لكن دعم إيران لروسيا لا يقتصر على الدعم اللفظي أو الدبلوماسي.

وبمرور الوقت، تصاعد دور طهران في الصراع من الدعم الرمزي إلى التدخل العسكري. ظهرت تقارير في السنة الأولى من الحرب تفيد بأن إيران كانت تزود روسيا بطائرات انتحارية بدون طيار، والتي أصبحت عنصرا رئيسيا في العمليات العسكرية لموسكو. وقد أثبتت هذه الطائرات بدون طيار، وخاصة تلك التي عدلها مهندسون إيرانيون بمتفجرات متطورة، فعاليتها العالية وتسببت في دمار كبير. ويسلط الضوء على نفوذ إيران المتزايد في الصراع ودورها المتنامي كمورد رئيسي للمعدات العسكرية لروسيا، مما يزيد من التوترات بين إيران والغرب.

ومن أهم القضايا التي تساهم في هذا التدهور هو دور إيران في الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا.

اتخذت المرحلة التالية من التدخل الإيراني نهجا أكثر مباشرة من خلال إرسال قوات إلى شبه جزيرة القرم للمساعدة في العمليات العسكرية الروسية. وتأكدت هذه الإجراءات أيضًا في سبتمبر 2022 عندما أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن إيران زودت روسيا بصواريخ باليستية قصيرة المدى من طراز فتح 360، قادرة على ضرب الأهداف بدقة.

READ  الصين توسع تدريباتها العسكرية وتزيد من التهديدات ضد تايوان

وحذر الاتحاد الأوروبي إيران من تورطها في تزويد روسيا بالمعدات العسكرية، وخاصة الصواريخ الباليستية. وأصبح استنكارها لتصرفات إيران أكثر وضوحا في الأسبوع الماضي، عندما قدم الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيف بوريل، اقتراحا رسميا إلى الدول الأعضاء يحثها على فرض عقوبات اقتصادية على طهران.

واعتبر ذلك ردا مباشرا على استمرار إيران في إمداد روسيا بالصواريخ الباليستية، على الرغم من التحذيرات السابقة. وردت الحكومة الإيرانية بإجراء دبلوماسي، واستدعت سفراء المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وهولندا للتعبير عن استيائها من الاتهامات الموجهة إلى طهران بشأن تبادلها الصواريخ. وتواصل القيادة الإيرانية إنكار تقديم مثل هذه الأسلحة.

كما اتخذت المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا إجراءات إضافية هذا الشهر لمواجهة إمدادات الصواريخ الإيرانية إلى روسيا. ووصفوا في بيان مشترك تصرفات إيران بأنها تصعيد كبير في الصراع. وقال البيان: “سنتخذ خطوات فورية لإلغاء اتفاقيات خدمات الطيران الثنائية مع إيران”. وأعلنت الدول الثلاث استعدادها لمتابعة تصنيف المنظمات والأفراد الرئيسيين المرتبطين ببرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني. ويبدو أن هذه الإجراءات الجديدة تهدف إلى الحد من قدرة إيران على تقديم دعم إضافي لروسيا، لا سيما في شكل شحنات الصواريخ الباليستية.

وفي المرحلة التالية من هذه التوترات المتصاعدة، قد يتم قطع العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد الأوروبي وإيران بالكامل

أما المناقشة الرئيسية الثانية التي أدت إلى توتر العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإيران فهي مسألة برنامج ما بعد الأسلحة النووية. ولطالما أثارت طموحات إيران النووية قلق المجتمع الدولي، لكن طهران حققت تقدماً سريعاً في تكنولوجيتها النووية في السنوات الأخيرة. ويقال إننا الآن على بعد خطوة صغيرة فقط من امتلاك القدرة على إنتاج الأسلحة النووية.

وقد أدى هذا التطور المثير للقلق إلى تجدد إلحاح هذه القضية. لقد فشلت المحادثات الرامية إلى تجديد الاتفاق النووي لخطة العمل الشاملة المشتركة مراراً وتكراراً، مما ترك القنوات الدبلوماسية بين إيران والاتحاد الأوروبي في طريق مسدود.

READ  القبض على مدرس في مدرسة عربية لمضايقته طالبة داخل حافلة

وإذا استمرت التوترات في التصاعد بشأن الحرب الروسية الأوكرانية والبرنامج النووي الإيراني، فسوف يرد الاتحاد الأوروبي بسلسلة من التدابير العقابية. فأولا، من المؤكد أن العقوبات السياسية سوف تتزايد، وهو ما من شأنه أن يلحق المزيد من الضرر بالعلاقات الدبلوماسية الهشة بالفعل بين إيران والاتحاد الأوروبي. ويمكن أن تستهدف هذه العقوبات شخصيات رئيسية في الحكومة الإيرانية وأولئك المرتبطين ببرامجها العسكرية والنووية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن فرض عقوبات اقتصادية، الأمر الذي من شأنه أن يعطل التجارة بين طهران والدول الأوروبية بشكل كبير. وعلى الرغم من أن بعض التجارة المحدودة لا تزال تجري بين إيران والكتلة، فإن العقوبات الشاملة يمكن أن توقف هذه التبادلات بشكل فعال، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الاقتصاد الإيراني المتعثر بالفعل.

وفي المرحلة التالية من هذه التوترات المتصاعدة، قد يتم قطع العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد الأوروبي وإيران بالكامل. ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تمثل تحولا كبيرا في العلاقات الدولية وتزيد من عزلة الحكومة الإيرانية على المسرح العالمي. وبدون العلاقات الدبلوماسية، سيصبح من الصعب على طهران التعامل مع الدول الأوروبية، مما يؤدي إلى انخفاض حاد في التعاون في مجموعة واسعة من القضايا. ورداً على هذه العزلة، من المرجح أن تزيد إيران من مقاومتها، وخاصة فيما يتعلق ببرنامجها النووي. وسوف يؤدي هذا إلى دورة خطيرة من الاستفزازات والعقوبات، دون وجود حل واضح في الأفق.

في الختام، وصلت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإيران إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، ولا يظهر الوضع أي علامات على التحسن. وفي ظل قضيتين رئيسيتين ــ تورط إيران في الحرب الروسية الأوكرانية وبرنامجها النووي المتقدم ــ تتفاقم التوترات، وترتفع احتمالات التدهور. وإذا لم تتم معالجة هذه القضايا الأساسية قريبا، فقد تتحول العلاقة إلى أزمة دبلوماسية كاملة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب خطيرة على كلا الجانبين.

READ  انقطاع التيار الكهربائي والإنترنت في قطاع غزة مع تصعيد إسرائيل لضرباتها

دكتور. مجيد ربزاده هو عالم سياسي إيراني أمريكي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد. عاشرا: @Dr_Rafizadeh

إخلاء المسؤولية: الآراء التي عبر عنها الكتاب في هذا القسم خاصة بهم ولا تعكس بالضرورة آراء عرب نيوز.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here